"مودريتش مشتعِل. الكرواتي في سن الأربعين. ما زال ظاهرة يسجّل ضد بولونيا و ميلان يحتفل."
هكذا وصفت صحيفة 'لا غازيتا ديلو سبورت' لاعب الوسط السابق لريال مدريد الذي منح الروسونيري النقاط الثلاث ضد فريق فينتشينزو إيتاليانو.

الحياة تبدأ عند الأربعين. أول أربعين سنة. الأربعون هي الثلاثون الجديدة... عبارات مستهلكة للاحتفال بأول هدف يسجله لوكا مودريتش و هو في الأربعين، لاعب استثنائي بكل معنى الكلمة. في الدوري الإيطالي، هو السادس الذي يحقق ذلك بعد بولا، فييرتشوفود، كوالياريلا، كوستاكورتا، و إبراهيموفيتش.
فييرتشوفود و كوستاكورتا و إبراهيموفيتش و مودريتش اجتمعوا تحت قميص الروسونيري، و هذا دليل على أن ميلان يقدّر الخبرة، حتى لو أن فييرتشوفود سجل هدفه مع بياتشينزا. احتاج الأمر إلى لمسة لاعب عالمي ليفك عقدة مباراة بدا فيها الحظ معانداً لميلان مع أربع كرات ارتطمت بالقائم. حتى ظهر هذا البطل الذي لا يتعب داخل المنطقة و سدد بقدمه اليمنى تسديدة نظيفة و مثالية. اللمسة بدت سهلة، لكن مودريتش هو من جعلها كذلك.
لو كان في أقدام غيره، لذهبت الكرة إلى المدرجات أو بين يدي الحارس. فوز ميلان كان صعباً لكنه مستحق. بولونيا لم يُظهر شيئاً في الهجوم. فريق إيتاليانو استحوذ على الكرة بنسبة تفوق 60 بالمئة، لكنه لم يسدد أي كرة على المرمى. النتيجة سبع تسديدات على المرمى لميلان مقابل صفر، بينها أربع كرات في القائم. هذا وحده يكفي لتوضيح أن فوز ميلان شرعي. الروسونيري ثأروا من خسارة نهائي الكأس أمام بولونيا في مايو و صعدوا إلى ست نقاط في الترتيب، بفارق ثلاث نقاط خلف يوفنتوس و نابولي. الندم يتزايد على النقاط الثلاث المهدورة في افتتاح الدوري ضد كريمونيزي.
البعض من الشرارة:
شوط أول غريب، مليء بالحركة في أول 20 دقيقة و في الوقت بدل الضائع. و بينهما فترة ركود ربما أرضت "جماعة كوفرتشانو" لكنها أرهقت 70 ألف متفرج في المدرجات. قليلون يدفعون ثمن التذكرة ليراقبوا ما إذا كان ميلان يدافع بثلاثة أو أربعة أو خمسة. الأمر يتوقف على اللحظة. هذه هي الإجابة الدبلوماسية. خطة أليغري التكتيكية كان لها طابعها: مهاجم واحد، خيمينيز، و خلفه خط من لاعبي الوسط يندفعون للاختراق. المشكلة في كيفية دخول هؤلاء إلى منطقة بولونيا.
في الواقع، غالباً كانت اندفاعات فردية غير منظمة. لوفتوس شيك و فوفانا حاولا، و كذلك إستوبينيان و رابيو. عنصر المفاجأة انتهى سريعاً بعد أن فهم إيتاليانو الفكرة. مع الدقيقة العشرين، سيطر بولونيا على الكرة و أجبر ميلان على التراجع أمام مينيون. ربما هذا كان قصد أليغري. بولونيا مع إيتاليانو ليست قوية في البناء، بل تعيش على المساحات المفتوحة في التحولات، و عندما تُجبر على الاستحواذ تتعقد. بحساب الفرص، ميلان كان أفضل في الشوط الأول: خيمينيز سدد كرة ضعيفة بعد أن صنعها لنفسه، إستوبينيان ارتطم بالقائم بعد انطلاقة فردية، ثم خيمينيز مرة أخرى أصاب العارضة من ركنية قبل الاستراحة. ربما الكرة خرجت و الـ VAR كان سيلغي الهدف، لكن الحكم ترك اللعب يستمر، فالقائم يُحسب. ميلان لم يُبهر لكنه لم يكن غائباً.
أليغري كان محقاً بالاعتماد على انطلاقات الوسط. بولونيا بدأ الشوط الثاني كما أنهى الأول، يسيطر على الكرة، لكن تمريراته المتواصلة بدت كالمخدر، هدفها تجميد النتيجة بانتظار ثغرة في جدار ميلان. مع الدقيقة 60 تقريباً، نجحت الخطة. لوفتوس شيك، الذي لعب كمهاجم ثانٍ خفي، تقدم بالكرة و مررها بذكاء إلى ساليماكرز على اليمين، فأرسل عرضية أرضية نحو مودريتش القادم من العمق. مودريتش فتح قدمه ووضع الكرة في الشباك. هدوء، دقة تقنية، سرعة بديهة. هدف معلم. صعب في بساطته. هناك أهداف تبدو سهلة لكنها ليست كذلك. من مياه الشوط الأول الفوّارة إلى خمر الشوط الثاني المعتّق.
تأخر بولونيا أجبره على تجاوز استحواذه العقيم و منح أليغري وضعه المفضل: الهجمات المرتدة. ريتشي، الذي دخل بديلاً لفوفانا، سدد كرة ارتطمت بالقائم من بعيد، و بعدها بقليل أهدر خيمينيز فرصة أمام سكوروبسكي بتسديدة خارج المرمى أكثر منها سوء حظ. ثم جاءت فوضى ركلة الجزاء على نكونكو، بديل خيمينيز: احتُسبت أولاً ثم ألغيت بعد مراجعة الفيديو، و أُبعد أليغري بسبب الاعتراض. الركلة كانت صحيحة. النقاط الثلاث جاءت على كل حال، و نكونكو أثبت أنه يستحق مكانه في سان سيرو. ميلان ليس بالسوء الذي يصفه النقاد، لنختم بعبارة مستهلكة أخرى.
