القميص الأسود الضيق الملتصق بصدره، و تعابير وجهه اليي يواجه بها المباريات و المؤتمرات الصحفية: من النادر رؤية سيرجيو كونسيساو مبتسمًا أو مسترخيًا. إلا إذا كانت المناسبة خاصة، كما حدث عندما احتفل بالفوز بكأس السوبر الإيطالي بسيجار في فمه، يرقص بجنون.
المدرب لا يعرف الحلول الوسط: في المباريات الأخيرة من دوري أبطال أوروبا، ظهر كثيرًا في نسخته الأكثر توترًا، و كانت النتيجة بتوديع ميلان البطولة. لاستعادة السعادة، يظل دوري الأبطال في صميم كل شيء، فهو الهدف الرئيسي للفريق في الأشهر القادمة من الدوري. تأمين مركز يؤهل لدخول نخبة أوروبا، إلى جانب المكافآت المالية و المكانة المرموقة التي تأتي معه.
ينطبق الأمر نفسه على كونسيساو: إذا أنهى ميلان الموسم ضمن المراكز الأربعة الأولى في الدوري الإيطالي، فسيكون بقاؤه كمدرب للروسونيري مضمونًا. و هذا يعني استكمال العام الثاني من عقده، و الحصول على راتب قدره 3.5 مليون يورو، والأهم من ذلك، تحقيق الهدف الرياضي. إنجاز مهني، بالنسبة لشخص يعيش عمله بنفس شغف سيرجيو، يعني أكثر من أي مكافأة مالية.

الوضع الحالي في ميلان:
بعيدًا عن تطمينات إبراهيموفيتش و براغماتية كونسيساو، هناك طريق وسط. زلاتان، الذي "حصل" مؤخرًا على تاسع جائزة "الخنزير الذهبي" من برنامج Striscia la Notizia، قال قبل ليلتين: "المدرب يقوم بعمل جيد. منذ قدومه، تغيرت الأمور. لم نصل بعد إلى 100%، لكننا نتحسن. لديه ثقتنا الكاملة." في الليلة السابقة، كان سيرجيو أكثر صراحة في المؤتمر الصحفي: "أعلم أنه إذا لم أفز، سيحزمون حقائبي و يرسلونني بعيدًا."
في الواقع، الوضع أكثر تعقيدًا: الفوز بكأس السوبر ليس كافيًا لضمان بقاء كونسيساو. إنه لقب يضيف إنجازًا إلى سجل النادي، لكنه لا يمكن أن ينقذ الموسم. كأس إيطاليا، و هو لقب لم يفز به ميلان منذ 2003، سيجلب الفرح و يضيف قطعة جديدة إلى سجل الألقاب، لكنه أيضًا لن يؤثر على مستقبل المدرب.
في الواقع، مع خروج الفريق بالفعل من دوري الأبطال، يتحول التركيز إلى الصعود في ترتيب الدوري. بعد الإقصاء أمام فاينورد، يجب على ميلان ضمان العودة الفورية إلى المسابقة الأوروبية الكبرى الموسم المقبل.
إذا أكمل كونسيساو هذا الصعود، فسيكون بإمكانه زرع علم الروسونيري و اعتبار نفسه مدربًا لميلان في الموسم القادم. سيمنحه ذلك فرصة تشكيل الفريق في الصيف، مع وقت كافٍ للتدريب، و هو ما افتقده في الشهرين الماضيين بسبب الجدول المزدحم، و هو عامل أشار إليه كثيرًا كسبب للمشاكل داخل الملعب.
على الجانب الآخر، دون التأهل إلى دوري الأبطال، سيكون كل شيء محل نقاش. سيكون ميلان مستعدًا لبدء دورة تدريبية جديدة: بعد أن منح بيولي ثقة دامت قرابة خمس سنوات، سيكون كونسيساو ثاني مدرب على التوالي يخرج عن المسار في غضون بضعة أشهر فقط.
الطريق الوسط...
ليس بالضرورة أن يكون الأمر مفترق طرق رياضيًا واضحًا، فهناك طريق ثالث، رغم أنه يبدو صعبًا حاليًا، لكنه لا يزال مفتوحًا. يمكن تأكيد استمرار كونسيساو حتى دون التأهل لدوري الأبطال. سيحدث ذلك إذا أظهر فريقه خلال الأشهر الثلاثة القادمة كرة قدم رائعة و شخصية قوية... تشير الأرقام إلى أن تأثيره في الدوري كان إيجابيًا: 14 نقطة في 7 مباريات، بمتوسط نقطتين لكل مباراة. إيقاع كهذا، إذا استمر، يقود مباشرة إلى دوري الأبطال.
كان ميلان قد تباطأ مع فونسيكا لكنه استعاد سرعته في الأسابيع الأخيرة. لكن، هناك حاجة لخطوة أخرى إلى الأمام، سواء في أسلوب اللعب أو، قبل كل شيء، في الشخصية. حتى أمام فيرونا، عانى ميلان، و لم تظهر بعد شراسة كونسيساو بالكامل. لكن لا يزال هناك وقت لتغيير الصورة.
عقد ميلان مع سيرجيو كونسيساو...
ما لن يُؤخذ في الاعتبار عند تقييم مستقبله هو الخروج من دوري الأبطال، إذ ينسب النادي الإقصاء إلى أخطاء فردية فادحة، من خطأ مينيون في مباراة الذهاب في هولندا إلى طرد ثيو في الإياب. العقد ليس عاملًا حاسمًا أيضًا: كونسيساو مرتبط بميلان حتى عام 2026، لكن كلا الطرفين، النادي و المدرب، لديهما خيار إنهاء الاتفاق مبكرًا، مع نهاية الموسم، كما أشارت صحيفة 'لا غازيتا ديلو سبورت'.
